موضوع: َََحب....!!! أم سيادة... وعبودية...؟؟؟ الأحد ديسمبر 25, 2011 6:31 am
َََحب....!!! أم سيادة... وعبودية...؟؟؟ نعرف جميعا الرمال المتحركة و كيف تجذب الانسان ( بنعومتها ) الفائقة و تستدرجه الى الغوص فيها تدريجيا و دون أن يشعر حتى ينغمس فيها و يصعب كثيراً انتزاع نفسه منها و يظل الى أن تقضى عليه ... ( و مع أننا ندرك جيدا ، إلا أننا و بنسب متفاوتة نقع أسرى لهذه الرمال القاسية ) . و نقصد بذلك أنغماسنا فى الحب سواء كان موجها للجنس الاخر أو للابناء أو لأنفسنا أيضا ، حيث يتحول الحب مع الاستغراق التام فيه من وسيلة لإسعادنا فى الحياة الى غاية فى حد ذاته و هنا تتحقق العبودية لمن أحببنا أو لما أحببنا ... و يتغير من سبب للسعادة الى وسيلة للشقاء ، حيث تدور حياتنا فى فلك من أحببنا و نسعد لسعادته و نشقى لشقائه و تسحب من أيدينا - بالتدريج - قدرتنا على التوازن فى حياتنا و هو أساس الصحة النفسية حيث يجب أن يدرك كل منا أن حياته مقسمة الى عدة أقسام و منها حياته الأسرية و علاقاته الشخصية و هواياته و اهتماماته الخاصة و عمله و علاقته بربه فكلنا عائدون اليه و أن طال السفر - و صحته الجسدية و لياقته الذهنية و البدنية و أوقات ترفيهية و ما إلى ذلك . و هذا ما يتوه عنا فى ( غفلة ) تورطنا بالحب حيث تميل الكفة ميلا ظالما لأنفسنا لصالح ما أحببنا ، و نفقد اتزاننا النفسى و يشعر بذلك الطرف الاخر و غالبا - لأنه بشر و ليس ملاكا - ما يزهد فيما لديه من حب غامر و لا يريد دفع نصيبه من الاهتمام لقاء من حب ، فكلنا يهرب من دفع الفاتورة و قد قيل - عن حق - أن فى الحياة كما فى السياسة لا أحد يدفع الثمن بعد تسلم البضاعة ، لذا فحماية أنفسنا من العبودية فى الحب ترجع الى كل واحد منا ولنتذكر نصيحة رسولنا الحبيب صلوات الله و سلامه عليه ( حبك للشىء يعمى و يصم ) حيث ينبهنا إلى التنبه و امتلاك الوعى عندما نحب حتى لا نصبح عبيدا للعاطفة مما يرشحنا للتعاسة و اجترار الألم النفسى و ما يصاحبه من إعاقة للحياة الجيدة بكل نواحيها الصحية و النفسية ... و ينطبق ذلك أيضا على الحب المفرط للعمل أو لجمع المال أو طلب الشهرة حيث يصبح الانسان عبدا له و يختزل الحياة فى هذا الحب ، و لذا تكثر الإصابة بالأزمات الصحية الخطيرة عند حدوث آى خلل فى هذا الجانب و هو ما لم يمكن حدوثه لمن فاز بالتوازن و ( أعز ) نفسه بالاعتدال فى الحب و لم ( يذلها ) بالانسحاق أمام من يحب سواء أكان شخص أم مغنما دنيويا ... و للنجاة من ذلك علينا التشبث بما ذكره الأديب البرازيلى باولو كويلهو : كل إنسان سعيد هو إنسان يسكن الله قلبه . فمتى كان القلب ( غنيا ) بحب الله فإنه لن يتعرض للانهيار عن حدوث ما يسؤه مع من أحب بل سيقابل ذلك باتزان من امتلك قوة الاستغناء و تحرر من عبودية الاحتياج الا لمن خلقه فقط . و المثير للدهشة أن الواقع يثبت أنه كلما استغنينا فى علاقاتنا الإنسانية حصلنا على اشباع أكثر فالإنسان يحترم من كان قويا فى عواطفه و يستهين بمن تذلل فيها ... و لعل ذلك يقودنا الى إنارة الروح بما قاله صوفى رائع : إذا أحببت أحدا تكن عبدا له و هو لا يحب أن تكون عبدا لسواه . فليقم كل منا بصيانة مشاعره عن كل ما يؤذيها و لا يطالب أحد بذلك فليس من الذكاء مطالبة الاخرين بأن يكونوا أكثر حرصا علينا من أنفسنا